بحث

الثلاثاء، نوفمبر 18، 2008

عولمة أخرى

يوم أن وطئت العولمة على اقتصاد من صنعها تنادى العالم أجمع لهذه النازلة الإقتصادية وتضرر العالم واهله. تضرر الفقراء قبل فترة بالغلاء فلم يتحرك ساكنا ،ثم تضرر الأغنياء فتنادى العالم للغني ولم ينتصر للضعيف.
لست أتحدث في هذه التدوينة عن ضرر ها الاقتصادي والكساد الذي لحق ببضائع الشركات العملاقة التي تضم آلاف العمال ورؤوس الأموال الضخمة ( يكفي أن تعلم أن شركة سامسونج يعمل فيها 754 ألف شخص و أرباحها أكثر من 14 مليار دولار سنويا وتستحوذ على ما يقارب خمس صادرات كوريا الجنوبية." بي بي سي العربية
لكن للعولمة جريمة أكبر ..
لقد كانت العولمة سببا في نشر ثقافة الإنحلال والفردية والأنانية حتى في المجتمع الغربي ذاته الذي تحول تدريجيا إلى مجتمع مالي بحت بعيدا عن الإنسانية والعلاقات الإجتماعية.
كانت العولمة والثقافة الغربية تحديدا سببا في اندثار الكم الكبير من اللغات من على ظهر الأرض ، وزوال التقاليد والعادات في اللباس والمطاعم والتفكير وحتى في العقائد بحيث أصبح الكثير يدين بالنفعية والمصلحة الذاتية .
أصبح للعالم تقريبا لغة واحدة ولباس واحد وثقافة واحدة ، وتأثرت القيم والمبادئ الصالحة كثيرا.
لم يكن تأثير العولمة بفتح الأسواق امام البضائع بل كان بفتح الأسواق أمام البضائع وفتح القلوب بالشهوات والعقول بالشبهات والفلسفات.
لم تعرف البشرية انحلالا وشهوانية أكثر منها في العالم اليوم الذي يجعل المرأة سلعة والرذيلة بضاعة والشهوات وسيلة للمادة والتجارة.
وعالم اليوم الذي يطبع أفراده تدريجيا على الشذوذ والإنحراف الفطري سيجني العاقبة وبالا ودمارا بنفسه. من لا يصدق فلينظر كيف أفلست المصارف الربوية بسب لاشي ، وذهب النقود والأموال يبابا والكل خاسر مصداقا لقوله " يمحق الله الربا" ولقولة " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" إنها حرب والمنتصر فيها معلوم سلفا .
إن الله قد جعل نواميس إلهية وسنن ربانية تدير البشرية وتحكمها فمن أخذ بأسباب العزة عز ومن سلك مسارات التيه هلك.
والفساد الغربي ينشر نفسه بالجماعات الضاغطة والمؤتمرات والندوات واللجان المنظمات الدولية والسياسة والحروب العسكرية وكلها أبواب من جهنم.
وحتى المجتمع الغربي نفسه يشكو من تغيره وتبدله للأسوأ وتأثير الجماعات وتجمعات المنحرفين فيه وتغييرها لأفكاره وثقافته وتتحدث عجوز فتقول كنا عندما نريد حاجة من الجيران يساعدوننا ويمسك بعضنا أطفال لقد كانت الحارة كالأسرة تقريبا.
و أذكر أن مجموعة من الزملاء في العمل عندهم دورة في هولندا، فركبوا مع سيارة الأجرة وكان السائق كبير السن فأخذ يسب ويشتم في الجيل الجديد الذي لا يتعاون ولا يتفهم ولا يساعد غيره أنانيون و أنهم في السابق يطرقون بيوت الناس عندما يريدون أن يشربوا الماء والآن المجتمع لا يتحمل أن تطرق عليه الباب لتطلب منه الماء ويذكر بعض المواقف والقصص.
لكن المشكلة الإقتصادية تنادى العالم لها من كل الجوانب ونسي الناس المشاكل الثقافية والإجتماعية ،ربما لأن النفس البشرية تقدر الذهب والخبز أكثر من المبادئ.
نحن أصحاب المبادئ بحجة للنهوض وتحريك الهمم والعزائم واتمام مكارم الأخلاق وعولمة الخير، عولمة تعبيد البشر لله " وما ارسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا" .
ولكن "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" فهل وضعنا أنفسنا من الرجال الذين صدقوا وما بدلوا أم انضممنا إلى المخلفين! الذين يجيدون صنع الأعذار ويتركون أسباب الفوز.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

وكن رجلاً إن أتوا بعده ،، يقولون مرَ وهذا الأثر